من اسوأ التجارب الي ممكن يمر بيها انسان ان لم تكن الاسوأ علي الاطلاق هي ان نفسه تتكسر ... بغض النظر عن السبب .. ان كان بسبب ظروف قهرية او من خوف من قهر من ظلم من افترا من فزع ... بتتعدد الاسباب جايز لكسر النفس بس النتيجة واحدة ...
زي الي اتعري غصب عنه في مكان عام و شاف بعنيه الف عين بتبص عليه في لحظة الضعف دي .. لوعاش الف سنة فوق عمره استحالة يقدر ينسي كسرة نفسة و ذلته في اللحظات دي إلي صحيح كانت قليلة قوي بس تأثيرها بيبقي ابعد ما يكون عن التصور او التخيل ...
كل شىء ليه ريكافري الا كسرة النفس ... عمرك مابترجع زي الاول ..
و مع الاسف تباعيتها النفسية قاسية جدا علي كل المستويات ..
شبيهة قوي بالدومينو لو وقع اول قشاط استحالة السيكوينس يقف الا لما كل القواشيط تقع بغض النظر عن الارتباط المباشر لاول قشاط بي اخر قشاط .. بس هي دي قواعد اللعبة ... عشان كدة كانوا دايما بيقولوا "ارحموا عزيز قوم" عشان العزيز المكرم ده كسرة نفسه ملهاش ساكاند شانس .. ده حكم ابدي باعدامه معنويا بينفذ في كل يوم باقي من عمره ...
في عينيه عمر اي حاجة مابترجع زي الاول .. عمر الشمس ما بترجع شمس عمر القمر ما بيرجع قمر .. عمر الابيض مابيرجع ابيض ..
و عمر الالوان ما بترجع الوان ... و عمر الفرحة ما بترجع فرحة ..
والاهم ان عمر الامان ما بيرجع تاني مهما تغيرت الظروف .. ولا عمر الاطمئنان بيتعرف ليه طريق او ملجأ ..
من طرائف الحياه ان هناك من يموت في سن العشرين و لا يدفن الا في سن الستين او السبعين ..و في هذه الحالة تتحول الحياه لي اسر او عقوبة يجب تنفيذها ..
بتتحول قدام نفسك لي بقايا انسان ممسوخ مشوه مدفون بالحياه داخل قبر متحرك وهو الجسم ..
متاهة ابدية داخل منزل رعب ملعون مشوه ..
لون رمادي كئيب بالاجبار بيتخلل كل جوانب حياتك و بيضفي عليها جو من الشجن ممزوج بالحزن ألا نهائي .. لحظات البهجة بتنحصر ل لحظات موسمية مسروقة من براثن الحياه و خزينة الايام المحكمة الحراسة و الغلق ..
عمر ما كان عدل ان الانسان تتحكم فيه قوة غير قابلة للالتئام و التعافي زي الجهاز العصبي ... اعضاء كتير في جسم الانسان بيحصل فيها ريجينيرشن في حالة التلف بما فيها الرئة .. الا الجهاز العصبي . دماره هو لعنة بتلازم الانسان من تاريخ الحدوث حتي القبر ...
ده غير ان الباي بولر ديساوردر بيظهر في ابشع صوره .. و بيبقا التحول من اقصي قمم السعادة و النشوة لي اعمق اعماق الاكتئاب و الحزن و العكس بروسيس لا تحتاج لي اكثر من ثواني معدودة ..
و ده غالبا سببه ان الانسان الي مر بالتجربة دي بيبقا اتسرقت منه الفرحة و البهجة و الاطمئنان و اتسلب منه الاحساس بالامان بصورة مفاجأة و غير متوقعة و ده بيأدي الي شرخ في قدرة النفس علي الثبات علي حالة سواء كانت حزن شديد او نشوة و سعادة ...
الموضوع اشبه بالمسمار الي اتنحل بسبب عنف او معافرة في فكه او ربطه فا بيبقا خلاص لايمكن ثبوته سواء علي حالة الفك او حالة الربط .. بيفضل فقط طالع نازل بدون اي ثبات علي وضع ..
و منذ هذه اللحظة حتي اخر العمر بيفضل الرولر كوستر يعجن في الضحية بلا رحمة ..
ده غير طبعا بقية الامراض النفسية الي بتشمل فوبيا الزحمة و الدوشة و الخوف إلي في احيان كتير بيكون من كل حاجة تقريبا و عدم القدرة علي التواصل او التعايش او ممارسة الحياه الطبيعية من الاساس ...
بالرغم ان الجهاز العصبي ليه وسائل دفاعية في حالات الصدمات الشديدة زي فقدان الذاكرة كدة الا ان للاسف جهاز الدفاع ده ليه ثغرات عند الناس الي مخها نشط زيادة ... و ما يبرح ان تتعطل تلك الوسيلة الدفاعية و بعد عذاب لا ينتهي و معاناه لا تنفذ يسأل المريض نفسه سؤال شبيه بسؤال عبد الحليم حافظ في قصيدة "حبيبها لست وحدك حبيبها" عندما صرخ في استغاثة قرب نهاية القصيدة ( ما انت يا قلب قل لي .. أأنت لعنة حبي .. أأنت نقمة ربي .. الي متي انت قلبي ) و الجميع يعلم انها في حقيقة الامر كانت استغاثة من كامل الشناوي كاتب القصيدة من اجل استمرار حبه لي نجاة الصغيرة بعد ان كتب لها (لا تكذبي اني رأيتكما معا)
لا يبرح ان يسأل نفسه المريض نفس الاسئلة و لكن باختلاف التوجيه فهي هنا للعقل و كأنه يتسائل ( ما انت يا عقل قل لي .. ؟)
مأساه تتحدث عن نفسها ...
سؤال لا يبرح ان يترك الوجدان "كيف و متي ستكون النهاية ؟ "
ايام تمر كا جرامافون يدور بلا إبرة تشغيل او حتي اسطوانة .. يدور فقط في انتظار انقطاع التيار او تهالك ما تبقي به من اجزاء ليخلد الي ثبات الراحة الابدية و انسدال ستار الحياه ..
Tuesday, February 2, 2016
مأساة كسر النفس ..
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment